مغادرة أجواء الفكر الهايدجري
سايمون كريتشلي
ترجمة: شيخة اليلك وعبدالله المطيري
عادة ما يُربط ليفيناس بأطروحة واحدة، وهي فكرة أن الأخلاق هي الفلسفة الأولى. لكن ماذا يقصد بالضبط بذلك؟ المهمة المركزية لعمل ليفيناس، بحسب تعبيره الخاص، هي محاولة وصف علاقة مع الشخص الآخر لا يمكن اختزالها في الفهم. يجد ليفيناس هذا في ما يسميه بشكل مشهور بعلاقة “وجهاً لوجه”. لكن اسمحوا لي أن أحاول تفريغ الأطروحات الغامضة إلى حد ما من خلال النظر في صراعه الأوديبي مع هايدجر، والذي تمت مناقشته من قبل عدد من المساهمين أدناه، مثل جيرالد برونز Gerald Bruns.
كما هو معروف، أصبح هايدجر ملتزماً سياسياً بالاشتراكية القومية، حيث وافق على منصب رئيس جامعة فرايبورغ في العام المصيري 1933. إذا كان على المرء أن يبدأ في فهم مدى الصدمة التي أحدثها التزام هايدجر بالاشتراكية القومية على ليفيناس الشاب وكيف كان حاسماً من أجل عمله المستقبلي، فإنه يتعين عليه أن يفهم إلى أي مدى كان ليفيناس مقتنعًا فلسفيًا بالمشروع الهايدجري. بين عامي 1930 و 1932، خطط ليفيناس لتأليف كتاب عن هايدجر، وهو مشروع تخلى عنه معارضة لأفعال هايدجر في عام 1933. نُشر جزء من الكتاب في عام 1932 باسم “مارتن هايدجر والأنطولوجيا”[i]. وبحلول عام 1934، وبناءً على طلب من المجلة الفرنسية اليسارية الكاثوليكية التي تأسست حديثا Esprit، كتب ليفيناس تأملًا لا يُنسى حول فلسفة ما عبّر عنه المحرر إيمانويل مونييه ، بـ “الهتلرية”[ii]. وبالتالي فإنه إذا كانت حياة ليفيناس تهيمن عليها ذكرى الرعب النازي، فإن حياته الفلسفية كانت مفعمة بالحيوية من خلال السؤال عن كيف يمكن لفيلسوف لامع لا يمكن إنكاره مثل هايدجر أن يصبح نازيًا، وإن لم يستمر هذا الامر طويلا.
النواة الفلسفية لنقد ليفيناس لهايدجر مذكورة بشكل أوضح في مقالة 1951 المهمة، “هل الأنطولوجيا أساسية؟”[iii] حيث ينخرط ليفيناس هنا في استجواب نقدي لمشروع هايدجر للأنطولوجيا الأساسية، أي محاولته طرح سؤال معنى الوجود من جديد من خلال تحليل ذلك الكائن الذي يمثل الوجود مشكلة بالنسبة له: الدازاين أو الكائن البشري. في أعمال هايدجر المبكرة، يُعتبر علم الوجود – وهو ما أسماه أرسطو علم الوجود على هذا النحو أو الميتافيزيقيا – أساسيا، والدازاين هو الأساس أو شرط الإمكانية لأي أنطولوجيا. ما يسعى هيدجر إلى فعله في الكينونة والزمان، مرة أخرى بروح وليس بحرفية التحليل الهوسرلي للقصدية، هو تحديد البُنى الأساسية أو البدائية للكينونة. هذه البنى هي ما يسميه هايدجر “الوجودات”، مثل الفهم والحالة الذهنية والخطاب والسقوط. بالنسبة لليفيناس، فإن التقدم والمزايا الأساسية للأنطولوجيا الهايدجرية على الفينومينولوجيا الهوسرلية هو أنه يبدأ من تحليل الوضع الواقعي للإنسان في الحياة اليومية، وهو ما يسميه هايدجر مستلهما فيلهلم ديلثاي Wilhelm Dilthey بـ”الواقائعية”. إن فهم أو استيعاب الكينونة (Seinsversta ̈ndnis) الذي يجب افتراضه مسبقًا من أجل تحقيقات هايدجر في معنى الوجود ليكون مفهومًا، لا يفترض مسبقًا موقفًا فكريًا فحسب، بل يفترض كذلك التنوع الغني للحياة المقصودة – العاطفية والعملية وكذلك النظرية – التي نتواصل من خلالها مع الأشياء والأشخاص والعالم.
نعثر هنا على اتفاق أساسي بين ليفيناس وهايدجر في نقده لهوسرل في خاتمة أطروحة الدكتوراه عام 1930، نظرية الحدس في فينومينولوجيا هوسرل والتي تم افتراضها مسبقًا في جميع أعمال ليفيناس اللاحقة. الإسهام الأساسي لعلم الوجود الهايدجري هو نقده للفكروية. الأنطولوجيا ليس، كما كانت بالنسبة لأرسطو، مسعى نظريًا تأمليًا، ولكنها، وفقًا لهايدجر، ترتكز على أنطولوجيا أساسية للانخراط الوجودي للبشر في العالم، وهو ما يشكّل الإعداد الأنثروبولوجي لسؤال الوجود. يكتب ليفيناس محيلا على الردّ الفينومينولوجي، “هذا هو الفعل الذي نعتبر فيه الحياة بكل تجسّدها ولكننا لم نعد نعيشها بعد الآن” (نظرية الحدس في فينومينولوجيا هوسرل، 15). تسعى نسخة ليفيناس من الفينومينولوجيا إلى اعتبار الحياة كما تُعاش. يمكن تلخيص التوجه العام لعمل ليفيناس المبكّر في جملة أخرى من الصفحات الافتتاحية لنفس الكتاب، “معرفة نقطة بداية هايدجر قد تسمح لنا بفهم نقطة نهاية هوسرل بشكل أفضل” (نظرية الحدس في فينومينولوجيا هوسرل، xxxiv).
ومع ذلك، وكما توضح بعض الكتابات التي سبقت مقال عام 1951 (على سبيل المثال، مقدمة كتاب عام 1947 الوجود والموجودات)، فإنه على الرغم من أن أعمال ليفيناس مستوحاة إلى حد كبير من هايدجر وتتسق مع القناعة بأنه لا يمكننا تنحية الكينونة والزمان جانبا من أجل فلسفة ما قبل هايدجرية، إلا أن كتابات ليفيناس كانت في ذات الوقت محكومة بـ “الحاجة العميقة إلى ترك مناخ تلك الفلسفة” (الوجود والموجودات، 19). وفي رسالة ملحقة بورقة عام 1962، “المفارقة والعلوّ”، مع إشارة غير مباشرة ولكنها تشخيصية لقصر نظر هايدجر السياسي، يكتب ليفيناس،
إن شعر طريق السلم الذي يمر عبر الحقول لا يعكس روعة الوجود وراء الكائنات. الروعة تجلب معها المزيد من الصور الكئيبة والقاسية. إعلان نهاية الميتافيزيقيا سابق لأوانه. النهاية ليست مؤكدة على الإطلاق. إلى جانب ذلك، الميتافيزيقيا – أي العلاقة مع الكائن (e ́tant) التي تتحقق كأخلاق – تسبق فهم الوجود وتنجو من الأنطولوجيا. [كتابات فلسفية أساسية، 31].
يدّعي ليفيناس أن فهم الدازاين للوجود يفترض مسبقًا وجود علاقة أخلاقية مع الكائن البشري الآخر، أي الكائن الذي أتحدث إليه والذي ألتزم له قبل أن أفهمه. الأنطولوجيا الأساسية أخلاقية في الأساس. هذه هي العلاقة الأخلاقية التي يصفها ليفيناس، بشكل أساسي في كتابه الشمولية واللاتناهي، بأنها ميتافيزيقية والتي نجت من أي إعلان عن نهاية الميتافيزيقيا.
هايدغر عند ليفيناس هو هايدجر في كتاب الكينونة والزمان، “العمل الأول والأساسي لهايدجر”، وهو بالنسبة إلى ليفيناس، عمل نظير لأعظم الكتب في تاريخ الفلسفة، بغض النظر عن سياسة هايدجر (مجموعة أوراق فلسفية، 52). على الرغم من أن ليفيناس كان يعرف بوضوح عمل هايدجر اللاحق، أكثر بكثير مما كان يحب أن يعترف به، إلا أنه أعرب عن القليل من التعاطف معه. في مقال عام 1957 المهم، “الفلسفة وفكرة اللانهاية”، أصبح نقده لهايدجر أكثر مباشرة وجدلًا: “عند هايدجر، الإلحاد وثنية، والنصوص السابقة لسقراط مناهضة للكتاب المقدس. أظهر هايدجر الثمالة التي ينقع فيها الاعتدال الفلسفي النقي” (مجموعة أوراق فلسفية، 53).
توضح مقالة ليفيناس “هل الأنطولوجيا أساسية؟” لأول مرة في أعمال ليفيناس الدلالة الأخلاقية لنقده لهايدجر. في هذه الورقة تدخل كلمة “الأخلاق” لأول مرة في مفردات ليفيناس الفلسفية. يمكن رؤية أهمية هذا المقال بالنسبة لعمل ليفيناس اللاحق في الإحالات المتكررة والمهمة عليها في الصفحات الحاسمة من كتاب الشمولية واللاتناهي[iv]. المهمة الأساسية لهذه المقالة هي وصف علاقة غير قابلة للاختزال في الفهم أي غير قابلة للاختزال إلى ما يراه ليفيناس علاقة أنطولوجية بالآخرين. الأنطولوجيا هي مصطلح ليفيناس العام لأي علاقة بالآخرين يمكن اختزالها إلى الفهم أو الاستيعاب. بهذا المعنى، فإن فينومينولوجيا هوسرل انطولوجية لأن أطروحة القصدية تفترض وجود علاقة متبادلة بين فعل مقصود وموضوع لذلك القصد، أو سيسميه نويما ونويسس noema و noesis في أعماله المتأخرة. حتى الانطولوجيا الهايدجرية والتي تتجاوز الفكروية غير قادرة على وصف هذه العلاقة غير الشاملة لأن كائنات معينة دائمًا ما تكون مفهومة بالفعل في أفق الكينونة، حتى لو كان هذا الفهم، كما يقول هايدجر في بداية الكينونة والزمان، فهما غامضًا وعاديّا. كتب ليفيناس أن كتاب الكينونة والزمان قد قدّم أساسًا أطروحة واحدة: “الكينونة لا تنفصل عن فهم الكينونة” (مجموعة أوراق فلسفية، 52). وهكذا، على الرغم من الابتكار في عمله، فإن هايدجر ينضم مجددًا ويلخّص التقليد الأفلاطوني العظيم للفلسفة الغربية، حيث تُفهم العلاقة بكائنات معينة دائما عن طريق الوساطة مع مصطلح ثالث، سواء كان مثالا كونيًا أو إيدوس eidos عند أفلاطون ، أو الروح عند هيجل أو الوجود عند هايدجر.
لكن كيف يمكن للعلاقة مع كائن أن تكون غير الفهم؟ رد ليفيناس هو أنه لا يمكن، “ما لم يكن ذلك الكائن آخرا (autrui) “. (كتابات فلسفية أساسية، 6). يمكن القول إن المصطلح autrui هو المصطلح الرئيسي في جميع أعمال ليفيناس، وتماشياً مع الاستخدام الفرنسي الشائع له، فهو مصطلح ليفيناس للدلالة على الإنسان الآخر، الشخص الآخر. الادعاء هنا هو أن العلاقة مع الآخر تتجاوز الفهم، وأنها لا تؤثر علينا باعتبارها مفهوما (تذكر أن هايدجر يصف الوجود بأنه “موضوعي” في الصفحات الأولى من الوجود والزمان). إذا كان الشخص الآخر قابلاً للاختزال إلى المفهوم الذي لديّ عنه أو عنها، فإن ذلك سيجعل العلاقة مع الآخر علاقة معرفة أو سمة معرفية. وكما تكشف الاحالتان إلى إيمانويل كانت في “هل الأنطولوجيا أساسية؟”، فإن الأخلاق لا يمكن اختزالها في نظرية المعرفة، والعقل العملي لا يمكن اختزاله في العقل الخالص. وكما وضعها ليفيناس في نقاش من منتصف الثمانينيات، فإن الأخلاق هي ما سوى المعرفة[v]. يكتب ليفيناس بشكل كاشف، “ما نلاحظه يبدو مقترحًا في فلسفة كانت العملية، التي نشعر بأننا قريبون منها بشكل خاص”[vi]. في رأيي، يشير هذا إلى نقطتين محتملتين للاتفاق بين ليفيناس وكانت، على الرغم من مجالات الخلاف الواضحة الأخرى مثل أولوية الاستقلالية عند كانت وتأكيد ليفيناس على الاستجابة للآخر كأساس للتجربة الأخلاقية. أولاً، قد نرى اعتبار ليفيناس للعلاقة الأخلاقية مع الشخص الآخر بمثابة صدى لصيغة كانت الثانية للواجب القاطع، أي احترام الأشخاص، حيث يجب أن أتصرف بطريقة لا أعامل الشخص الآخر أبدًا كوسيلة لغاية بل كغاية في ذاته[vii]. ثانيا، علينا أن نستحضر ختام كانت لكتابة أسس ميتافيزيقيا الأخلاق بأطروحة استعصاء القانون الأخلاقي على الفهم: “وبالتالي، إذا كنّا لا نستوعب الضرورة العملية غير المشروطة للأمر الأخلاقي، فإننا نستوعب استعصاء ذلك القانون على الفهم. هذا ما يمكن طلبه بشكل عادل من الفلسفة التي تدفع باتجاه الأمام في مبادئها عن حدود العقل الإنساني[viii].
بالنسبة إلى ليفيناس، فإن هذه العلاقة بالآخر غير القابلة للاختزال للفهم، ما يسميه “العلاقة الأصلية” (كتابات فلسفية أساسية، 6) تتحقق في الوضع الملموس للكلام. على الرغم من أن اختيار ليفيناس للمصطلحات يشير إلى غير ذلك، فإن العلاقة وجهاً لوجه مع الآخر ليست علاقة إدراك أو رؤية، ولكنها دائمًا لغوية. الوجه ليس شيئًا أراه، لكنه شيء أتحدث إليه. علاوة على ذلك، عند التحدث أو الاتصال أو الاستماع إلى الآخر، فأنا لا أفكر في الآخر ولكنني منخرط بشكل نشط ووجودي في علاقة غير مفترضة، حيث أركز على الفرد المعين أمامي. أنا لا أفكر، أنا أتحدث. إنه حدث الارتباط بالآخر كفعل أو ممارسة – والذي تم تسميته بشكل مختلف وكاشف في “هل الأنطولوجيا أساسية؟” على أنه “تعبير” و “استدعاء” و “صلاة” – يصفه ليفيناس بأنه “أخلاقي “. يؤدي هذا إلى رؤية مهمة: أن ليفيناس لا يفترض مفهوما قبليا للأخلاق يجسّد نفسه (أو لا يفعل) في بعض التجارب الملموسة. بالأحرى، الأخلاق هي صفة تصف، بشكل بعديّ، حدثًا معينًا للوجود في علاقة مع الآخر لا يمكن اختزاله في الفهم. إنها العلاقة الأخلاقية، وليست الأخلاق التي تتجسد في العلاقات.
قد يقال أن بعض الفلاسفة لديهم مشكلة مع الأشخاص الآخرين. بالنسبة لفيلسوف مثل هايدجر، فإن الشخص الآخر هو مجرد واحد ضمن مجموعة: “هم”، الجمهور، الجماهير، القطيع. أعرف كل شيء عن الآخر لأن الآخر جزء من الكتلة التي تحيط بي وتخنقني. في هذه الصورة، لا يوجد أبدًا أي شيء يمثل تحديًا مطلقًا، أو رائعًا، أو حتى، في كلمة يستخدمها ليفيناس في عمله المتأخر، شيء صادم بالنسبة للشخص الآخر. قد يصبح الآخر في أحسن الأحوال زميلي أو رفيقي أو زميلي في العمل، لكن ليس مصدر تعاطفي أو موضوع إعجابي أو خوفي أو رغبتي. تتمثل وجهة نظر ليفيناس في دعوى أنه ما لم تكن تفاعلاتنا الاجتماعية مدعومة بعلاقات أخلاقية مع أشخاص آخرين، فقد يحدث ما هو أسوأ، أي الفشل في الاعتراف بإنسانية الآخر. هذا، بالنسبة إلى ليفيناس، هو ما حدث في المحرقة وفي الكوارث الأخرى التي لا حصر لها في هذا القرن، حيث يصبح الشخص الآخر وجهًا مجهول الهوية في الحشد، شخص يمر به المارة ببساطة، شخص لم أعد أبالي بحياته أو موته. وكما قال ليفيناس بإيجاز في إحدى مقابلاته الأخيرة المنشورة من صحيفة لوموند Le Monde عام 1992،”هناك ارتباط بين غياب الاهتمام بالآخر عند هايدجر ومغامرته السياسية الشخصية”[ix].
ولهذا، حين يضع ليفيناس الأخلاق أولا فإن هايدجر يضعها ثانيا. ذلك أن العلاقة مع الشخص الآخر ليست إلا لحظة في البحث الفلسفي حيث يتركّز الطموح في بحث السؤال الأول في الفلسفة، سؤال الوجود. الخطر هنا يكمن في إن الفيلسوف يخاطر بإمكانية غياب الإنسان الاخر عن منظوره في رحلة بحثه عن الحقيقة الأنطولوجية. ويبدو أنه ليس من الغريب أن يبدأ تاريخ الفلسفة اليونانية مع طاليس الذي سقط في حفرة لأنه كان يفضّل النظر للسماء على النظر لما هو تحت أنفه.
[i] Published in Ende ́couvrantl’existenceavecHusserletHeidegger,3rd edn (Paris: Vrin, 1974). An English translation appeared as ‘Martin Heidegger and Ontology’, trans. Committee of Public Safety, Diacritics, 26, 1 (1996), pp. 11–32.
[ii] Levinas’s 1934 essay has been very usefully and extensively discussed by Miguel Abensour in his new edition of this essay: Quelques refle ́xions sur la philosophie de l’hitle ́risme (Paris: Payot-Rivages, 1997). An English translation appeared with a revealing prefatory note by Levinas in Critical Inquiry, 17 (1990), pp. 62–71.
[iii] Included in Basic Philosophical Writings, 1–10.
[iv] See ‘Metaphysics Precedes Ontology’ and ‘Ethics and the Face’, ti 42–8, 172–5
[v] See Autrement que savoir (Paris: Editions Osiris, 1987).
[vi] Ibid., p. 10, but see also p. 8.
[vii] Kant,The Moral Law, ed. H. J. Paton (London: Hutchinson, 1948), p. 91.
[viii] Ibid., p. 123.
[ix] Reprinted in Les impre ́vus de l’histoire (Montpellier: Fata Morgana, 1994), p. 209.